المقالات

لا توجد حرب قبلية في السودان ــ منصور الهادي

ما يحدث في الحقيقة هو أن كايكل انشق عن ميليشيا “دولة البغاء الإماراتية”، مما دفع الميليشيا للانتقام من قبيلته، الشكرية، كنوع من الضغط والتخويف. هذه رسالة إلى أي شخص قد يفكر في الانفصال عن الولاء لعائلة الدقلو. كما أنها محاولة لتجاهل الانتصارات الأخيرة للجيش السوداني في مناطق سنار والخرطوم من خلال تحويل انتباه الجمهور وتصوير الجيش على أنه غير قادر على حماية المدنيين، مما يقوض المعنويات واستسلام كايكل.
قبيلة الشكرية لها كل الحق في الدفاع عن نفسها، كواجب أخلاقي وقانوني وديني. هم على دراية تامة بما حدث لقبيلة المساليت – فقد دُفن البعض حتى أحياء – ومن الطبيعي أن تحمي كل قبيلة شعبها وأراضيها على الخريطة السودانية.
ومع ذلك، فإن القوى الانتهازية، أو “قحت”، تسعى لتحقيق مكاسب سياسية وتأمين السلطة بأي وسيلة، مهما كانت قذرة. لقد اختطفوا الثورة التي قامت في ديسمبر، واستغلوها لطموحاتهم الشخصية وحتى استغلوا أجساد الشهداء كوسيلة ضغط ضد الجيش. وعلى الرغم من كل هذه الجهود، فشلوا في تأمين السيطرة، مما دفعهم لتكوين تحالف مع الجيش لتقاسم السلطة. ولكن هذا أيضًا انهار، والآن نرى الحرب الحالية كخطوتهم التالية، حيث أقنعوا زعيم الميليشيا المدعوم من الإمارات بأنه “البديل المثالي” للجيش السوداني.
الخطة الجديدة، التي دفعتها القوات المدعومة من الإمارات، هي إقامة دولة لـ “العطاوة” و”عرب الشتات”، بالتوافق مع طموحات الدقلو ومعسكر “قحت”. الكل يجتمع في ظل “دولة البغاء” بدعم إقليمي لصراع دموي… ولكن الاتفاق هو لمصلحة متبادلة فقط، وكل جانب يراقب وينتظر في النهاية أن يخون الآخر لتحقيق السلطة.
يأمل جانب الدقلو في الحصول على دعم سياسي داخلي وخارجي، وحماية قانونية، ودعم شعبي لمعركتهم ضد الجيش، بينما تسعى “قحت” لاستخدام هذه الميليشيا للقضاء على منافسيها العسكريين وبقايا الفصائل الإسلامية. وهكذا بدأت حرب وحشية دامية، يحاول فيها كل طرف الوفاء بوعوده للآخر، ولكن في النهاية فشلوا جميعًا. فشلت “قحت” في حشد السودانيين تحت شعار “لا للحرب” أو في كسب الدعم الدولي للميليشيا، حتى مع تزايد النفوذ الدبلوماسي السوداني وفرض العقوبات على قادة الميليشيات. وعلى النقيض، دفعت الأعمال الوحشية للميليشيا بالعالم إلى معارضتها، مما دفع البعض لمقارنتها بفظائع التتار والمغول.

الآن، ومع انهيار هذا “العهد الدموي”، غيرت “قحت” استراتيجيتها، مبتعدة عن الميليشيا بل وإدانة أعمالها في محاولة لضرب عصفورين بحجر واحد: إضعاف المنافسين العسكريين والدفع نحو السلطة. يستغلون صعوبات الحرب والجوع والمعاناة للحصول على الدعم الدولي، وأحيانًا تحت ستار الإسلاميين وأحيانًا تحت تهديد المجاعة. الآن، يصورون الوضع كحرب أهلية، آملين في جلب قوات الأمم المتحدة بموجب الفصل السابع، مما سيمنع منافسيهم العسكريين ويسمح لهم بالعودة إلى الساحة السياسية تحت غطاء دولي.

لكنهم ينسون أن الله هو لا يهدي كيد الخائنين ..

(منصور الهادي)

نصرٌ من اللهِ وفتحٌ قريبٌ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى