المقالات

سير العمليات ــ ناصح امين

في مقال سابق تحت عنوان سير العمليات قلنا إن الخطة في زمن الخريف أن يعمل الطيران ويرتاح المشاة ريثما يفرغ الطيران من مهمته الهادفه لضرب الميلشيا في اوكارها من ارتكازات وتجمعات وقلنا إن الحكومة كانت تتحسب لصدور قرار بحظر الطيران فأرادت أن تستبق القرار بعمل مكثف للطيران فينتهي من مهمته قبل أن يحظر وقلنا إن الاستخبارات التي لها قدم السبق في هذه الحرب جهزت المعلومات والاحداثيات للطبران بمصادر موثوقة تم تجنيدها بعضها من أعضاء العدو وقلنا ان الحكومة رصدت ميزانية مقدرة ومعتبرة للطيران ووصلها من حلفائها خاصة روسيا والصين طيران وذخيرة طيران جديدة ودقيقة وقلنا عندئذ ان المشاة أخذوا حظهم من الراحة والتدريب والاستعداد النفسي والبدني والحربي .

والان وقبل اكتمال فصل الخريف وقبل المدة المقررة له نفذ الطيران مهمته بمهنية عالية واوقع خسائر في الأرواح والعتاد شلت العدو وكسرت قوته الصلبه وكان هذا ديدن القوات المسلحة منذ بداية المعركة وهو العمل علي كسر القوة الصلبة للعدو إذ أصبح العدو بفعل ضربات الطيران أشلاء موزعة وبعض من كل مشتتين بين القري ومنازل المواطن يبيت الجندي فيهم ولا يأمن علي نفسه من قذيفة الطيران الدقيقة الهدف ولو بات في بروج مشيدة فأين ما كانوا ادركهم الموت فرموا سلاحهم وهربوا واستعدوا لتلقي الهزيمة اما بالموت تحت القصف أو الهرب ثم القبض أو الاستسلام ثم التسليم .

وصلت تقارير الطيران أنه قد ادي مهمته بنجاح وانتهي من تدمير القوة الصلبة للعدو وشملت طلعاته كل المحاور وغطت كل ارتكازات ومناطق تجمعات العدو ولم يتبقي للحسم سوي تحرك المشاة لاستلام المواقع بعد التمشيط والقضاء علي من تبقي أو قبضه أسيرا .

وعليه أطلقت غرفة السيطرة صفارة الانطلاق للمشاة فتحرك الركب المبارك يقوده القادة من الجيش برتب عالية وقوامها الجنود البواسل والمستنفرين الشجعان والقوات المشتركة الفتية والقوات الخاصة الهمام بعملياتها التوعية وأبو طيرة يسندهم من خلفهم .

وكانت عمليات القوات الخاصة النوعية قد صاحبت الجيش فنظفت الأوكار من دنس المليشيا والان تتقدم الصفوف لتسهيل مهمة تمشيط الجيش للاماكن التي يتم السيطرة عليها .

جحافل النصر الان متحركة من كل حدب وصوب الي كل جحر به جنجويد ويساعدهم المصادر المجندة بييان أماكن اختباء العدو .

سيتم استلام المواقع بأقل الخسائر للجيش وفق الخطة فمدني مثلا سيتم تحريرها دون مقاومة كما سلمت تسليم مفتاح ستحرر تسليم مفتاح .

احوال وأهوال مر بها الجيش أثناء هذه المعركة خلفت ورائها اسئلة حائرة لماذا سقطت مدنية كذا ولماذا لم يلتف الجيش ويحررها ولماذا يتأخر الجيش في نجدة قرية مستضعفة لماذا ينسحب الجيش وفي مقدوره المقاومة وغيرها مثل هذه الاستفسارات التي اثارها الناشطون وأدخلت الشك في نفوس المواطنين تجاه الجيش وقدراته ومقدراته وقادته ووجود طابور خامس به والخيانة والعمالة والبيع .

وكلها شكوك وان كانت لها ما يبررها فهي مجرد ظن لا يغني من الحق شئيا .

والجيش وقيادته علمت بتلك الشكوك ولكن الجيش يعلم بحجم المؤامرة وويدري بتربص العدو به والبلاد فلم يكن هناك مجالا للبيان والافصاح بالكلام المباح عبر الناطق الرسمي له أو الإعلام الموالي .

والان لمن ظنوا بالجيش الظنونا نرد علي استفساراتهم الحائرة علها تثبت القلوب وتعيد ثقة المواطنين في الجيش بعد اهتزازها عزة وفخرا .

الجيش كان قليل العدد والعتاد والاستعداد في مواجهة عدو في اتم جاهزيته للانقضاض عليه وعلي الدولة
فكان لابد من خطة وخطط للدفاع بصبر الابطال وعزيمة الرجال وهو ما سماه القائد البرهان بشغل الإبرة
انسحب الجيش من المواقع التي انسحب عنها لأن في بقائه فيها فنائه إذ كان الأمر اشبه بمناطحة صخرة بقرن مكسور واحتفظ الجيش وقاوم وقاتل في المواقع التي يعني انسحابه منها سقوط الدولة ولذا حافظ علي القيادة العامة والمهندسين والمدرعات وسلاح الإشارة وصد موجات الهجمات التي كانت من العدو عليها رغم شدتها وكثرتها وتحمل الحصار في المواقع التي ينبغي عليه المحافظة عليها حتي مات الجند جوعا بعد أن أكلوا لحاء الأشجار وسفوا التراب قوتا ومرت لحظات بالجيش فقد فيها الذخيرة والمؤنة الغذائية فيوم أن دخل البطل الشهيد لقمان المهندسين بجراراته وسط وابل رصاص قناصة العدو كان الجيش الصامد بداخل المنهدسين يفتقر لكل شئ الا صبر الرجال الابطال ففي أن الجيش صد أكثر من مائة هجمة علي المدرعات سلم مواقع أخري دون أن يصد اول هجمة من العدو عليها وذلك للمحافظة علي كيان الدولة والأمر كان حسابات عسكرية والاقدر علي حسابها من هو بالميدان فيما يعرف بتقدير الموقف للقائد
أما عدم التفاف الجيش بعد انسحابه فلذات الحسابات التي يعملها الجيش جيدا فاعادة الالتفاف تتطلب البقاء في المواقع التي تم تحريرها وهذا لم يكن في مقدور الجيش بحسب عدده وعتاده
الجيش اعتمد في تسليحه علي الغنائم ولذلك ترك بعد الطرق تشون العدو فغض الطرف عنها حتي إذا ما دارات المعركة غنم ما كان للعدو من إمداد والذي حصل عليه الجيش من المليشيا كغنائم لم يكن ليحصل عليه في عشرات السنين المستقبلية وذلك فضل من الله ومنة
العدو وبعد أن دحر من المركز دخل الي الولايات وعاث فيها فساداً في الأرض والجيش يسمع ويري دون أن يتحرك وهو يتحرق لما يجري وذلك لأن العدو قصد استدراج الجيش وخروجه من مقاره حتي إذا ما خرج وتشتت في القري التفت عليه المليشيا فاحتلت مواقعه الرئيسية والتي احتلالها يعني سقوط الدولة والجيش فهم الأمر فظل محافظا علي مواقعه الرئيسية دون أن يتزحزح ولم يستجب الاستفزازات العدو بالدخول الجزيرة ومن بعدها ولاية سنار الآمنة الوديعة
الحرب كانت حول المركز فأصبحت الان حول الولايات البعيدة عن المركز وبقوة وعتاد للمليشيا أقل بكثير من تلك القوة الصلبة خاصة العدو والتي دمرها الجيش بمهنية عالية
الجيش السوداني فعل أكثر مما يجب وبأقل قوة لكن بصبر الرجال وجهادهم تقبل الله منهم فنالو الحسنين النصر والشهادة

فالله اكبر والعزة والشموخ والكبرياء لهذا الجيش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى