وهل لخالد سلك غبينة ليترفَّع عنها ؟ ــ إبراهيم عثمان
بالتزامن مع الهجوم البري على الميليشيا في الخرطوم كتب خالد عمر يوسف مقالاً من أبرز نقاطه : ( منذ اندلاع الحرب، اخترنا أن نقول الحقيقة كما هي، رغم أنها قد تكون مؤلمة بعض الشيء، خصوصاً مع ما خلفته الحرب من جراح وغضب وضغائن في نفوس الناس بسبب الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها المدنيون الأبرياء ) .. ( لأننا لا نريد لبلادنا الخراب فقد اخترنا طريقاً صعباً، نأمل أن نترفع فيه عن “فش الغبائن” ) .. ( “الفش غبينتو خرب مدينتو” ) … ( التفتيت صار الآن أقرب من أي وقت مضى، وتعمل لتحقيقه أيادٍ كثيرة داخلية وخارجية.)
* منذ اندلاع التمرد اختار خالد عمر ومن معه أن يصنعوا “الحقيقة” التي ترضيهم وترضي الميليشيا، وبهذا نالوا رضاها، هل يستطيع أحد أن ينكر رضا الميليشيا عنهم ؟ أو أن يرده لشيء غير الخدمات التي قدموها لها، بما فيها صناعة “الحقيقة” التي ترضيها ؟
* واختاروا ألا يشاركوا الشعب غضبه من حرب الميليشيا عليه، وكان موقفهم محسوماً منذ البداية، وهو أنه لا جراح ولا غضب ولا ضغائن مهما فعلت الميليشيا بالمواطنين، فلا غبينة لهم أصلاً مع الميليشيا ليتحدث خالد عن “ترفعهم عنها” !
* وأختاروا ألا يعترفوا بالحقيقة، وهي أن تهمة الغبينةغير المبررة والتي لا تستثني المدنيين والتي تخرب المدينة أحق بها الميليشيا التي حيثما حلت كان الخراب الشامل، والقتل والنهب والسلب، والتشريد، واحتلال البيوت واعتبارها، واعتبار المناطق المستباحة، مناطق “محررة” تُستَخدَم لتقوية الموقف التفاوضي !
* لن يستطيع خالد عمر إقناع الناس بأن دعوته للترفع فوق الغبائن ترتبط بحكمة وتسامح وصفح تحكم تعاملهم مع الجميع من أجل المصلحة العامة، لا بمصالحهم مع الميليشيا .
* بل ولا يستطيع إقناعهم بأنه يملك رفاهية الوساطة بين الناس والميليشيا بالمواعظ بخصوص الغبينة، فقد راكم، هو ومن معه، منذ بداية التمرد ما جعلهم ينالون نصيبهم من غضب الناس وغبائنهم وضغائنهم . وقد بلغت مصالحهم مع الميليشيا سقفها الأعلى عندما بلغ إجرام الميليشيا وغضب الناس منها سقفيهما الأعلى !
* منذ بداية التمرد لم يترك خالد عمر، ومن معه, شيئاً يصنع غضب وغبائن وضغائن الناس تجاه الجيش وداعميه ولم يفعلوه، وهذا يثبت عدم صدقية خطاب العفو والتسامح وترك الغبائن والضغائن .
* كمثال على ذلك قال خالد عمر عن الجيش وداعميه : ( الحقيقة هم المجرمين الحقيقيين، هم الذين ارتكبوا الجرم في حق المدنيين العزل الذين دُفِعوا خارج منازلهم، وهم الذين يستحقون المحاسبة، وأي شخص سوداني دُفِع دفعاً لأن يخرج خارج منزله ويُشرَّد خارج موطنه هو أكثر شجاعةً وأكثر بطولةً من هؤلاء الجبناء الخونة) ! ولا يستطيع أحد أن ينفي أن يكون في قوله هذا محاولة مبتذلة مكشوفة لتحويل الغبينة من محتلي المنازل إلى المطالبين بإخلائها والعاملين لتحقيق ذلك !
* أما بالنسبة ( للأيادي الكثيرة ) الداخلية والخارجية التي تعمل من أجل “تفتيت” البلد، فليته قدم مثالاً وسمى يداً خارجية، على الأقل ليعطي الناس انطباعاً بأنه يريد أن ينفي بذلك أنه يد داخلية لها، ومثالاً ليد داخلية ليحكم الناس على صدقه في اتهامها، وعلى إمكانية تعاونها مع الأيادي الخارجية لتحقيق هذا الهدف، وليته امتلك شجاعة القول بأن الميليشيا تمثل، أو لا تمثل، إحدى هذه الأيادي !
إبراهيم عثمان